Clicky

قصة بلغي عني الأنام / عفاف الوافي

قصة بلغي عني الأنام / عفاف الوافي


قصة بلغي عني الأنام.. بقلم عفاف الوافي.. 

            ها أنا ذي أغوص في أعماق ذاكرتي لأرى فتاة تتجول بين حقول وجنان ؛ ومروج ووديان ؛ بقرب عين ماء شقت طريقها نحو الغاب .هي حكاية ليست من الخيال ، بل من واقع المغرب في جنة الأطلس ، سأسردها لكم بقلمي ، بانفعالاتي وبكل حرف أسعفني...
بدأت الحكاية عندما برزت أمامي فجأة امرأة من العدم ، لم تكن امرأة بل ملاكا إن صح التعبير ، تلبس فستانا بهيا عليه طرز بألوان الحلي وحيك بخيوط من الذهب والشمس ، دنوت منها مترددة مذهولة،
سألتها :
من أنت ومن تكونين؟
 نظرت إلي متبسمة وأجابت بصوت رقيق: 
- أنا جوهرة الأطلس، ودرة الوجود ألقب بعاصمة قبائل زيان واسمي خنيفرة ...أمازيغية الأصل وتاريخي عريق ولي سمعة وشرف أصيل ! ... سلي عني العرب والعجم وسيجيبونك من هي خنيفرة.
ثم تداركت أمري قائلة:
- ما أنا إلا عابرة سبيل ...أتيت من مكان بعيد طمعا بسماع 
حكايتك منك، فهلا كلمتني عنك وعن أرضك و تاريخك الأصيل...؟!
عندها تبسمت ، وأخذت بيدي وأشاحت بنظرها نحو النهر قائلة :
"هنا ولدت على ضفتي هذا النهر الذي يسمى أم الربيع ...عرفت بجمالي ورونقي وبهائي ومنظري البديع، 
......فأخذ الناس يزورونني ويستوطنون أرضي فاستوطنني قوم عرفوا باسم الأمازيغ.
ثم حنت رأسها بقساوة فأدركت أنها تفكر في أمر محزن وقلت في نفسي :كيف يكسوها الحزن فجأة والتعب !؟ يا ترى ماذا يكون السبب ؟
فقاطعت حزنها سائلة: هل أكملت الحكاية ؟ 
وبنبرة حزن قالت : في بدايات القرن العشرين جاء الفرنسيون إلي واستحوذوا على خيراتي واستولوا على أرضي وطردوا أهلي وحاربوني.
وهنا تحولت نبرة صوتها وكأنها تعلن عن فرح قادم وقالت باسمة:
 فتأهب الجميع واستعد وكل وسائل الحرب أعد وقاوموا المستعمرين بكل قوة وبسالة و عتاد ، حتى هزموهم في معركة الهري بقيادة أعظم القياد (محا وحمو الزياني) فقهروا الجبابرة وكسروا شوكة الأكاسرة ، فولوا خائفين، وفروا من البلاد قردة خاسئين ،
وهكذا انتهى الأمر وعدنا ننشد في زمننا عزة فخرا وعم الفرح والأمن بين قلوب الناس. ونجحنا بوضع بصمة جلية على جبين التاريخ لم يمحها الزمن...
أرضي تزخر بمآثر تاريخية ...بناها الأسلاف قديما وأتقنوا معمارها بأشكال هندسية زادتها رونقا وجمالية ...من جسور وقناطر ، وأحياء وأزقة ... وقصبات ومراكز ... منها التي مازالت صامدة راسية ومنها التي أصبحت قوتها متهالكة ثم أضحت الآن معالم حضارية يقصدها الزائرين من كل الدول ثم حول أهلي أرضي إلى جنة فيحاء من جنان
 الأرض حيث سعوا إلى توفير كل المقومات وزرعوا في أرضي الحقول والغابات التي يعيش فيها العديد من الحيوانات،وتزينها العديد من البحيرات والشلالات والمنابع والثروات... حتى تكون روضة غناء 
يعيش فيها أقوام سعداء وتعاقبت الأجيال والسنوات ، وأصبحت أرضي منطقة سياحية يأتي السياح إليها من كل صوب ومكان.
 قلت مندهشة : 
-ما أجملك وما أروعك ! فجل من سواك أيتها المدينة البهية. 
اقتربت مني بهدوء ... ووضعت يدها فوق كتفي وقالت بصوت دافئ حنين : - هذه نبذة عني فالكلام طويل والحديث قد لا ينتهي ....
 أما الآن وداعا فقد آن الأوان... اذهبي وتجولي واستمتعي وبلغي عني الأنام ...
وفي لمح البصر ..اختفت كما ظهرت فجأة دون سابق إنذار !
لم أفهم عبارتها الأخيرة... ويا ترى كيف أبلغ عنها الأنام ؟
واصلت مسيري، وصدى صوتها يتردد في مسامعي وكان أكبر ما يشغلني كلماتها الأخيرة...
فقررت أن أكتشف المنطقة، وتابعت الخطى أتأمل في الطبيعة الخلابة كأنها لوحة فنان تلاعب بالألوان ليصبح المنظر في غاية الجمال
بهرت كثيرا بأشجار الأرز العالية و منظر الجبال المحيطة بالمدينة والحدائق الناظرة وكأنني في روضة من رياض الجنة، زرت معالم المدينة وانفتحت على ثقافة أهلها وأعجبتني تقاليدهم وعاداتهم، وأضفى عليَّ جو المدينة الشعور بالأمان والراحة والسعادة.
             ها قد انتهت قصتي كما رواها لي لسان طيف المدينة ، أتمنى أن أكون قد نفذت مرادها وأبلغت الأنام بالوصية.

نهاية... 




                       



تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم - تى جو