تحميل كتاب شيرو فوبيا تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف بلقاسم دعاء / مناري عبد الرؤوف / موضالي صفاء- مكتبة خطوتي
كتاب شيرو فوبيا تأليف مجموعة مؤلفين تحت إشراف بلقاسم دعاء / مناري عبد الرؤوف / موضالي صفاء- مكتبة خطوتي
أَحتَّضِنُ قَبري بِأضلُعِ صَدري، خَشيَةً مِنْ أن يَسّكُنَهُ غَيري، أو يَسّلبُهُ أَحدٌ مِني، من حَدَّبةِ عَينيّ، أرى مَصيري الذي هو هَلَاكي ومَهلَكي، وَ مَنهَكي الّذي استَهلَكَ مِني عَزمْي، و شِّدَتي، وَ جَبري، أرى حِطَاما و رِكاما مسودا، صَاغت من آهاتِي و صَرخَاتِي و أحْلامِي و كَوَابِيسي الخَاويةُ، سردَابٌ فارِغٌ يَنتّظِرُ رُوحي لِترقُدَ بِه، و يَستَبِدُّ ديجور الظلام جُثماني، نَعيقُ غُرابٌ أسحَمٌ مَشّؤومٌ مَسحور، ينعق بِصوتٍ لا يَسمّعهُ سِواي، خَاوٍ عَلى نَصِيّبَةِ قَبري الّمَصنُوعْةُ مِن خَشَبَةٍ هَشةٍ شِبهِ مكسورةٍ ، يُطيلُ الّتَحديقُ في وَجّهي ليَرى إذ أننّي فَتاةٌ حَسناءٌ أم ماذا، لا أعلمُ ما عَسايَ أقول فَدمُوعي شقت طَريقاً َمَوصُولًا بقلبي المُلتّهِب، كلامٌ لا يُقالُ بِأحرُف، و لا يَوصَفُ بِمَشاعِر حزنٍ و الذي هوَ كَالسلاحُ الكاتمُ القاتلُ، و لا بِسمفونيةٍ أو مَقطُوعةٍ قَصيّرةٍ تُعزفُ على أوتاري المُتلفةِ، أيا قبرُ ألم تَحِنُّ لِاحتضَاني بعد؟، أني أُخاطِب عزرائيلَ عليه السلام في كل ليلة ليَقبِض رُوحي، لَكن بِلا جدوى، ما أصّعبَ أن يستحوذك الألم من نَواحي حَيَاتُكَ ولا تَستَطِيعَ رَدعُه بِأي طَريُقةٍ وَ تَنتظرُ مُعجِزة تُغير مَجرى حَيَاتك، بِيداي الُمكبّلتانِ بِحَبلٍ مُجَّمِرٍ، و الّمَغمُوراتانِ بدمِ فُؤادي الذي يَنزِفُ ألمّاً، نسجتُ ثَوباً من أورِدَتي، مُمَزقاً بَعْض الّشَيءْ، لَكِّن نَسّجَهُ كَلَفَنّي الكَثيّرَ مِن الدِمّاءِ، وَقَليّلً مِن أنّسِجَةَ قَلّبْي، و أستَعنتُّ بالقَليّلِ من جِلدي، لأُِكّسَي بِه ثَوبّي، ليِبدو أجَمَل و أرّوَعُ من أي ثَوبٍ في السّوقِ، و لِأجعَلَ مَن يَنظُرَ إليّ يَفرُ، ويَجزَعُ، و يَذُعرُ، هَرولاً من سَمَاجةِ و فَظَاظَةِ منوالي، ولأجعلهم يَضعونَ أصَابِعَهُم في أذَانِهُم من صُحبَةِ وزَمجَرةِ صَوتّيْ الّوَجيعُ، بَلغتُ السادِسةَ عشرَ وأنا ألومُ حَظي المَشؤوم منّذُ رؤيةَ ذاكَ الغُرابِ الأسحمِ المسحورِ، وأربعةَ وستينَ يوماً لِأكَف كفَ دمُوعي، نَدماً لما فَعلتَهُ بِذاتّي، وَ حِينما أُوفي السابِعةَ عشرَ أتّمَنى راجيتاً ربَّ السماءِ بِأن يَدثُرُني في قَبرٍ مُعّتَمٍ لأرقدَ، بهِ خَيراً من رُقُود بِحَياةٍ لم أذُق بِها طَعمَ الّسَعادة، سَلاماً عَلى قُلوبٍ أنهَكَتها الأحزان ، لتَذهب إلى دار الاخرةِ و لا تعلم، هل سَتَمكثُ بِأمان؟