Clicky

تحميل رواية الإعترافات تأليف جابر ربيع- مكتبة خطوتي

تحميل رواية الإعترافات تأليف جابر ربيع- مكتبة خطوتي


 رواية الإعترافات تأليف جابر ربيع- مكتبة خطوتي



" الإعترافات"، هي رواية من نسج الخيال، للكاتب جابر ربيع.

لمحة عن الرواية:

أبي كان يخطف الناس ويقتلهم، أخي يقول إنه رأى أبي يتحول في الحرب من شخص يعرفه إلى شخص لا يعرفه، هذا أخي الكبير، أخي الصغير لم أعرفه ، أعرف صورته ، أعرف وجهه ، يشبهني في الصور، كان يشبهني أكثر مما يشبه أخي الكبير، أسميه أخي الصغير وكنا كلنا في البيت نسميه ـ في رؤوسنا نسميه ، وحتى من دون أن نذكره ونحن نحكي ، كانت صوره تملأ البيت، ماذا كنت أقول ؟ أسميه أخي الصغير ولم يكن أخي الصغير ولكنه الصغير لأنه ظل صغيرا ، لأنه لم يكبر ، لأنهم قتلوه وهو صغير، كم مرة رأيت أخواتي ساكتات في الصالون ( كان الصالون غرفة البيت الآمنة والملجأ ساعة القصف ) كأنهن في جنازة، يتوزعن على الكنبة الطويلة ذات الغطاء المخمل الزيتي ، وينظرن إلى صورته المكبرة المعلقة على الحائط ، و على زاوية الصورة الشريط الأسود ؟ كم مرة رأيت أختي الكبيرة تلتفت دامعة وتنظر إلي أدخل حاملاً سندويشة، كل الوقت آكل سندويشات يروق القصف عند الغروب فتركض أمي إلى المطبخ ؛ تنبه علي ألا ألحقها إلى المطبخ لكتني ألحقها ؛ أمي تلف سندويشات مرتديلا و خيار و أنا آكلها، أذكر أختي الآن كأن هذه السنوات كلها لم تمر ، مرت ولم تمر ، أذكرها الآن تلتفت بشعرها الأسود الذي يؤطر وجهها الناصع البياض وتنظر إلي من تحت رموشها الطويلة ثم ترفع عينيها وتنظر إلى الصورة، أذكر البلل على الرموش ، لا أنسى تلك الصورة، لم أكن أعرف عندئذ ، و كيف أعرف ؟، إنها مثل أخواتي جميعا لا تنظر إلى وجهي إلا وتشعر بقلبها يتقطع ، ينفصل إلى قطعتين، إلى هذه اللحظة لا أنسى ملامح وجهها وكيف تتبدل الملامح ، الحب والكره والحيرة والخوف و الغضب ، ملامح لا أفهم كيف ترتسم على الوجه ثم تتبدد وتحل مكانها ملامح أخرى، كيف يتبدل الوجه في رمشة عين ؟ الـغـيـوم لا تتراكض في السماء بهذه السرعة، ماذا كانت تشعر وهي تنظر إلي ثم إلى الصورة ؟ أخي الكبير كان مرات يدفعني في صدري ويزيحني من دربه ، نلتقي في الممر ، بين الصالون والمطبخ ، وأنظر إليه وأراه ينظر إلي نظرة غريبة : كأنه لا يطيق وجهي، يكشر عن أسنانه مثل ذئب و أنا لا أفهم، وقت طويل مر وحتى الآن لا أدري كيف أحكي قصتي، كل هذا صعب، كل هذه السنوات مرت ومازلت لا أستطيع ، مازلت أعجز، كأن الحكي يسد زلعومي، أشعر بالكلمات وهي تصعد من بطني ، من قلبي ، كأن الوحل يخرج مني وأنا أحكي، لكنه ليس وحلا، من أقدم ذكرياتي في بيت الأشرفية هذه الذكرى، لعلها من الأيام الأخيرة في « حرب السنتين » ، لست متأكدا متی . لكنها في تلك الفترة ، هذا أعرفه بالتأكيد ، في الفترة الأخيرة من « حرب السنتين » ، ليس في 1975 ، هذا ثابت ، لكن في الـ 76 ، وليس في بداية الـ 76 لأنني في بداية الـ 76 كنت طريح الفراش ، مريضا ، محموما ، أتقلب بين الحياة والموت ، ولا أفتح فمي ، ولا أنطق كلمة، نجوت وكتبت لي حياة جديدة، ما أذكره من ذلك الوقت، وقت المرض، و هو غامض وغريب وغير ثابت، سأتحدث عن هذا لاحقا : كل ذكرياتي من تلك الفترة الأولى متشابكة ولا أثق فيها ، لا أدري هل هي ذكريات حقيقية أم ذكريات متخيلة ، تتشابك بالمنامات وتتشابك بما سمعته بعد ذلك من أخواتي وأخي الكبير وأمي ( أبي لم يكن يحبني كثيرا )، أقدم ذكرياتي ـ التي أعرف أنها تخصني وأنها حقيقية ولم يخترعها أحد ولم أخترعها أنا أيضا ـ أقدم ذكرياتي من بيت الأشرفية هذه الذكرى : أبي يحرق ثيابا ودفاتر في الجل وراء البيت، أذكر النار والعيدان والموقد المعمول من حجارة كبيرة، أذكر النار المشتعلة خارج الموقد على الأرض ، على التراب ، حيث أرى أمي تضع قدر الغسيل ( كانت الكهرباء تنقطع كثيرا ، وكنت أرى أمي أخواتي يغسلن الغسيل باليد تحت الخوخة )، أذكر أبي ، قائم الوجه ، لا يشبه أبي ، أذكر وجهه الملبد بالغيوم وهو يخرج أشياء لا أعرف ماذا تكون من كيس جنفيص عميق ويرميها إلى النار، أذكر ألسنة اللهب تقفز و تلحس جفنيه و شعر رأسه، كان يتحرك حول النار ، كانت حركته بطيئة ، وأنا جامد في الداخل ، جنب طاولة المطبخ ، أنظر عبر الباب المفتوح ولا أتنفس، مازلت حتى هذه اللحظة أذكر خوفي ، لم أكن أفهم ماذا يحدث.

مقتطفات من رواية الإعترافات: 

- " إيليا رأى أبي حاملاً الجسم الصغير ، واقفا في الممر الطويل الأبيض ، يميل وكتفه يرتطم بالحائط، لم يبك، قال إنه لم يبك، هكذا قال إيليا، قال إنه لا يقدر أن ينسى حركة جسمه : كيف يميل على جهة واحدة ويرتطم بالحائط ثم يستقيم من جديد، مثل عمود يقع ، يميل ويقع ، ثم يرجع إلى مكانه ، إيليا قال إن أبي كان بلا وجه عندئذ ، نظر إليه ولم ير وجها، « لم يكن يبكي » ، أكثر من مرة كرر إيليا هذه الكلمات ونحن نقعد في صالة الانتظار في « مستشفى رزق»، تلك الليلة : ننتظر خروج أبي من غرفة العمليات وإيليا يحكي ويحكي ويحكي، و أنا أفكر أنني في جهنم."

- " لن أخبرك ما فعله أبي في الكرنتينا، و لا ما فعله أخي بعد ذلك، أبي ارتكب شناعات وأخي أيضا ،أخي أقل من أبي ، وأخي اضطر أو على الأقل هو يقول إنه كان مضطرا، أبي لا يقول ، أبي لم يحك أبدا عن تلك الفترة . وعندما حكى أخيرا أخبرني قصة واحدة ولم يخبرني قصة أخرى (القصة التي تهمني) ، كان يكره الكلام ؛ أبي ، كل ما أعرفه عن الكرنتينا عرفته من آخرين، الآن و أنا أقول لك هذا أرى البنايات أمامي ( البنايات قبل أن تُجرف ) وأرى صفا من أشجار الصفصاف وأرى الطريق المبلولة، كان البرد في الجو كانوا يفصلون العائلات ، يأمرون الرجال بالتجمع تحت الدرج ويأمرون النساء والأطفال بالخروج إلى الطريق، قالوا إنهم سيأخذون الرجال للتحقيق، لكنهم رشوهم بالرصاص تحت الدرج لن أخبرك ما حدث بعد ذلك، أريد أن أخبرك القصة التي تهمني."






تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم - تى جو